غزة- يوسف صادق
لا زالت أصداء إغتيال
القيادي
في حركة حماس محمود المبحوح في إمارة دبي قبل أكثر من شهر، تلقي بظلالها
حول مجموعة كيدون التابعة لجهاز المخابرات الإسرائيلي "موساد"، ومدى
الإمكانات التي توفرها أجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة لتلك المجموعة قبل
بدء تنفيذ عملياتها المختلفة للنيل من نشطاء فلسطينيين في الخارج، تدعي
بأنهم إرهابيين.
وأكد الدكتور ناجي البطة الخبير في الشؤون الأمنية الإسرائيلية، أن كافة المعلومات حول المستهدف المطلوب قتله، تكون تحت أمرة وحدة كيدون التابعة لجهاز الموساد الإسرائيلي. وقال للعربية نت "شكّل رؤساء الأجهزة الأمنية المختلفة داخل إسرائيل لجنة تسمى "فعادات". مهمتها التنسيق مع بعضهما البعض حول الهدف المراد إغتياله. ويتم خلال اللجنة تبادل المعلومات المختلفة، ومن ثم يذهب الملف برمته إلى الموساد الذي يتكفل بإنهائه عبر إغتياله".
وأضاف "يملك الموساد أكثر من 128 تربة خصبة في تجمع عالمي يهودي، وهؤلاء جميعهم يعملون على مساعدة الموساد في الوصول لهدفه دون صعوبات تذكر. هذا فضلاً عن إتفاقيات تعاون مشترك بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والمخابرات الغربية من حيث تبادل المعلومات المختلفة تحت ما يسمى بالإرهاب العالمي"، منوهاً أن الموساد يمتلك أكبر شركات سياحية وطيران وشركات إقتصادية ضخمة، ما يجعله قوة إقتصادية إستثمارية هامة جداً لأي بلد.
وأشار الدكتور البطة أن الموساد لا يتدخل في عمل "الشين بيت"، الذي يحمي الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بما فيها القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة. وقال "الشين بيت يقوم بإغتيال قادة داخل الأراضي الفلسطينية، في حين يُكمّل الموساد المهمة في الخارج".
وتعتبر "كيدون" الوحدة الوحيدة في العالم التي تجيز لنفسها خطف وقتل آخرين، وتتكون من فرق متعددة، كل فرقة تضم اثني عشر شخصا. وكيدون تعني الخنجر الذي يغمد في البنادق القتالية المختلفة. ويبدأ مهمتها في حال جلبت العملية تأثيراً سلبياً على إسرائيل. إذا تكتنف غالبية عمليات الإغتيال التي قامت بها، الغموض، ما يجعل أصابع الإتهام حولها ليس ثابتاً.
وتمتاز تلك الوحدة، بحسب الخبير الأمني الفلسطيني، بتدريبات عالية جداً في أماكن مأهولة بالسكان وداخل الأماكن المزدحمة كالأسواق المطاعم. فضلاً عن تجردها الكامل من الإنسانية. وقال للعربية نت "يسقط ضحايا من مدنيين خلال عملية إغتيالهم لأي مستهدف، لكنهم لن يعيروا ذلك أي إهتمام".
ما يقلق العمليات العابرة للحدود كعملية إغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في الإمارات العربية المتحدة، هو النتائج السلبية التي تتعلق بالعلاقات الدولية، وهو ما أبقت إسرائيل أما هجوم شديد من الدولة التي تم فيها إستهداف الجاني، ودول دخلت في أتون العملية من خلال إستغلال جوازات سفر مواطنيها، ما حذا بكل من بريطانيا وايرلندا لإستدعاء السفير الإسرائيلي لديها بعد الحادث، وأضطر وزير الخارجية الألماني لإجراء تحقيق في حادث الاغتيال، وساءت العلاقات الأوروبية الإسرائيلية من جديد بعد نتائج حرب الأخيرة على قطاع غزة.
وقال الخبير الأمني الفلسطيني أن وجود جاليات يهودية، إضافة للمؤسسات الإقتصادية الضخمة التي يمتلكها الموساد في الدول العربية "مكنته من تجنيد العديد من الشباب ليكونوا أداة تنفيذ لهم داخل دولتهم، بما فيهم فلسطينيون يعملون في مراكز هامة".
وأعتبر أن إمتلاك التكنولوجيا عامل هام في التصدي لعمليات الموساد. وقال "إستطاعت دبي فضح جريمة إغتيال المبحوح خلال أيام معدودة، نظراً لامتلاكها تكنولوجيا عالية جداً مكنتها من رصد العملية بكافة أبعادها".
ومن أشهر عمليات الموساد في العالم: في أكتوبر من عام 1972م، اغتيال وائل زعيتر ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في ايطاليا، بعد إطلاق النار عليه. ومع بداية العام الذي تلاه، إغتيل حسين البشير ممثل فتح في قبرص بشحنة ناسفه تحت سريره في الفندق الأوليمبي بنيقوسيا. وفي نفس العام، 1973ن، إغتيل الدكتور ياسر القبوسى أستاذ القانون بالجامعة الأمريكية ببيروت، وتم تصفيته بـ12 رصاصة حينما كان في باريس.
في ديسمبر من عام 1977م، اغتيال محمد الهمشري ممثل منظمة التحرير في فرنسا الذي يعتقد أنه رئيس مجموعة أيلول الأسود في فرنسا. ثم أغتيل خليل الوزير في تونس، الرجل الثاني في حركة فتح ومسؤول العمل العسكري في الأراضي الفلسطينية في إبريل من عام 1988.
وفي أكتوبر من عام 1995م، إغتالت كيدون الدكتور فتحي الشقاقي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين حينما كان في جزيرة مالطا.
لكن عملياتها الفاشلة كانت في النرويج، حينما قتلت كيدون نادل مغربي عام 1973م يدعى أحمد بوشيخي، ظناً منها أنه حسن سلامة قائد عملية ميونخ الفدائية التي قامت بها مجموعة فلسطينية في دورة ألعاب أولمبية في ألمانيا، وقتلت عدداً من أفراد البعثة الإسرائيليين. إلا أن سلامه ذاته قضى بسيارة مفخخة بعد 5 محاولات فاشلة لإغتياله، حيث أطلقت عليه إسرائيل حينها لقب "الأمير الأحمر" لشدة تخفيه.
وتبقى محاولات كيدون لا تنتهي بالوصول لأهدافها خارج حدود إسرائيل. إلا أن كشف دبي لعمليتها الأخيرة بإغتيال المبحوح، سيضطرها لإعادة النظر مئات المرات قبل الإقدام على خطوة من نفس النوع في دولة أخرى.
|